من يضمن الالتزام بالتسوية؟ ما زال السؤال مطروحا قبل العدوان وبعده

في ديسمبر 2018 بمدينة طبرقة التونسية، وفي إطار الاستعداد للملتقى الوطني الجامع الذي كان مزمعا عقده في غدامس، عُقد ملتقى تحضيري برعاية بعثة الأمم المتحدة، وبحضور الدكتور غسان سلامة ونائبته ستيفاني ويليامز، ودُعِيَ جلُّ المزمع مشاركتهم في المؤتمر الوطني الجامع المقرر بغدامس في 16/ 4 / 2019 الذين سأرفق قائمة بأغلبهم في آخر هذه الكلمة.

شهد ملتقى طبرقة نقاشًا ليومين لم يتجاوز العموميات والمجاملات والحرص على عدم طرح المواضيع الحساسة، وكان أغلب الحديث عن تشخيص الأزمة بعيدا عن طرح التساؤلات الحقيقية أو الحلول.

كان لدي تساؤل جوهري تمنيتُ أن يكفيني غيري مؤونة طرحه نظراً للوضع الخاص الذي يمثله التيار والحزب الذي أمثله، وهو ما لم يحدث، فطلبتُ الكلمة في بداية الجلسة المسائية في اليوم الأخير، وبعد تحية الحضور مهدتُ بمقدمة أوضحت فيها أنني سأطرح تساؤلًا غير تقليدي، وكنت أرجو أن يطرحه غيري لكيلا يُحسب أنه ناتج عن خصومة سياسية لطالما روّج لها الإعلام.

سؤالي عام ولكنه موجه للطرف الآخر المكون من خليط من تيار حفتر والكرامة والنظام السابق وبعض الشخصيات من أهلنا في الشرق.

قلت لهم متسائلًا:

هل ما يمكن أن نصل إليه معكم من حلول وتسويات سياسية للأزمة سوف يلتزم به حفتر؟

وأضفت: نحن نرى الرجل فوق كل الأطر السياسية، فهو ليس مجرد قائد عسكري، بل يرى نفسه زعيماً سياسياً يجوب العالم ويتفاوض وله طموحاته السياسية، وغير ملتزم بأي مرجعية سياسية فوقه، وهذا تقريباً واضح للجميع ولا ينكره أحد، ونحن سوف نذهب إلى غدامس، وربما نتفق مثل ما اتفقنا في الصخيرات؛ وهنا قلت مجددا: المعذرة أرجو أن أكون مخطئاً في هذه المخاوف، ولكنّي أطرح عليكم هذا التساؤل وعلى البعثة أيضا لكونها راعية لهذا الحوار،

وعاودت القول: يا دكتور غسان هل هناك ضامن لتنفيذ ما سوف نتفق عليه؟

كيف تتوقعون الإجابات وردود الأفعال؟

للأسف، قبل أن أكمل كلامي، لم يتمالك الصبر السيد “العثامنة”، ودفعه التعصب مقاطعاً لي مخاطبا من يظن أنهم أنصار حفتر: “انصُروا المشير لن نقبل التعريض باسمه”، وعلت الأصوات مستنكرة وكأن البعض يريد أن يسجل كلمة تشفع له من بطش زبانية حفتر عندما يرجع وطلب عبد الرحمن العبار نقطة نظام طارئة، وقال لي: أستاذ محمد لقد دققت إسفيناً في الجلسة وأفسدت هدوءَها، وأشاد بحفتر في كلام لا علاقة له بما طرحت، وتعالت الأصوات في القاعة، وأصبح من الصعب ضبط الجلسة، وتضامن معي الأستاذ صلاح البكوش، وطلب الدكتور عبد الرحمن السويحلي الكلمة ولكنها لم تُعطَ له وقد أبلغني في الاستراحة بأنه مؤيد لما طرحت، وصَمَت البقية، وبذكائه المعهود تمكن “سلامة” من التهدئة بإعطاء “استراحة شاي”.

العجيب جداً أنه عندما خرجنا للاستراحة تكلم معي جُلّ الحاضرين شخصياً وأشادوا بطرح هذا الموضوع، وقال بعضهم: هذا هو السؤال الأساسي إذا كنا جادين في إيجاد حل للأزمة.

وعلى الرغم من عودة الجلسة بعد الاستراحة إلا أنها فقدت كل قيمتها، وظل هذا السؤال قائما يبحث عن إجابة، مُحرجاً الجميع كأنه يقول لا جدوى ممّا تقومون به.

كان مُحرِجاً للطرف الآخر والبعثة أيضا، بوضوح وجدية، نعم أنتم تجلسون معنا للاتفاق على حل، فهل تملكون القدرة على تنفيذ ما نتفق عليه معكم؟

بعيداً عن الإطالة، ما حدث يوم 4/4 2019 من عدوان وقبل عقد مؤتمر غدامس يكفي للإجابة ولإيضاح المقصود.

والآن وقد استدار الزمان كهيئته قبل 4/4، وبعد أن فشل هذا المشروع العسكري وما تسببه من دمار في الأرواح والممتلكات والنسيج الاجتماعي، وفاقم الأزمة التي مهما طالت، فلا بد لنا من البحث عن حلول سياسية وتسويات وتنازلات، لأن هذه نهاية أي صراع.

ولكن السؤال ما زال مطروحاً وبالقدر نفسه من الأهمية، إذا كنا جادين في حل الأزمة وجمع الشمل والاستفادة من أخطاء الماضي، والآن ترتفع الأصوات نفسها من الداخل والخارج بفشل الحل العسكري وضرورة العودة إلى طاولة الحوار، ولا أحد يرفض ذلك، بل الوضع خطير جداً والوطن يحتاج إنقاذاً عاجلاً؛ ولكي نستفيد من الماضي ونصل إلى حلول لا بد من طرح هذا السؤال، والبحث عن ضمانات لتحقيق أي تسوية ناجحة تُخرج البلاد من الأزمة.

فهل “عقيلة صالح” – الذي ربما أصبح يمثل الجغرافيا أكثر من كونه رئيس برلمان – هل عقيلة ومن يؤيدونه قادرون على تنفيذ ما يمكن الاتفاق عليه من تسويات؟ وهل حفتر وداعموه من الدول سيلتزمون بما يطرحه عقيلة؟

ولماذا لا تبرز قيادات سياسية واجتماعية أخرى لتعزيز هذا المسار؟

لماذا لا نطرح هذه المخاوف مع أهلنا في الشرق، ونقول لهم بوضوح نحن فقط نرفض العسكرة وعودة حكم الفرد والاستبداد الذي أفصح عنه حفتر وأولاده، بعد أن خدع الجميع بشعارات زائفة، أما أنتم فمحلّ للتقدير، ولا نمنّ بذلك، فنحن أهلٌ مهما جرى، وكل مخاوفكم تجاه الملفات العالقة قابلة للحل.

وهل الدول الداعمة للعسكرة أيضا اعترفت بالفشل؟

لقد طرحت هذا الموضوع مع كل المسؤولين، ابتداء من رئيس المجلس الأعلى للدولة الأستاذ خالد المشري في سياق البحث عن تسوية مع عقيلة صالح والذي لا ينبغي الاعتماد عليه ممثلا لجغرافيا واسعة من الوطن لأنه لا يقدر على ذلك علاوة على أسباب أخرى، أهمها أن صفته كرئيس لبرلمان موحَّد لم تعُد تُسعفه، ومع ذلك من الممكن اعتباره نقطة انطلاق لتيار يجتمع عليه أنصار الحل السياسي في الطرف الآخر، وجلست كذلك مع رئيس المجلس الرئاسي السيد فايز السراج الأسبوع قبل الماضي، وناقشت معه الوضع وضرورة إيجاد حل للأزمة في ليبيا، وأكدت له أن موقعه يجعله الأقدر على طرح مبادرة جادة، وقلت له حرفيا وأكرّرها الآن: من جهتنا كتيار سياسي ندعمك في ذلك، ونحن على استعداد لأخذ خطوة إلى الخلف، حتى وإن كان في ذلك ظلم لنا، إذا كان ذلك مطلب البعض للقبول بأي تسوية تنهي الأزمة في إطار الحفاظ على المسار السياسي السلمي، وهذا تعهد مني بذلك.

وطرحت ذلك أيضا مع بعض أعضاء مجلس النواب وبعض الشخصيات السياسية الفاعلة، وأطرحه الآن على الليبيين عموما، وإني أرجو أن يقوم الجميع بمسؤوليته وواجبه الوطني، فالأزمة اشتدت بالوطن وتضافر الجهود المخلصة هي سبيل العبور به إلى مأمنه، فالوضع لا يحتمل المناورات، ولا نريد تسويات هشة تعيدنا إلى الصراع لا قدر الله .

قائمة لأغلب الشخصيات التي حضرت ملتقى مدينة طبرقة التونسية التحضيري للملتقى الوطني الجامع بغدامس:

1- فوزي النوري، نائب رئيس مجلس نواب طبرق

2- عبد السلام نصية، عضو مجلس النواب

3- مجدي النايلي، ممثل عن تجمع ليبيا

4- عبدالباسط دلل

5- إبراهيم محمد المدني، عميد بلدية الزنتان

6- فتحي المجبري

7- موسى الكوني

8- حسين كافو، عميد بلدية يفرن

9- جمعة القماطي

10- عادل قرادة

11- حافظ قدور

12- ماجدة الفلاح

13- أم العز الفارسي

14- سالم علي عليوان، عميد بلدية بني وليد

15- فوزي العقاب

16- عيسى العريبي

17- عبد الله عثمان

18- فوزي عبد العالي

19- عبد الرحمن الفقيه، الهيئة الطرابلسية

20- عبد الله عتامنة

21- عبد الرحمن العبار

22- محمد صوان

23- عبد الرحمن شلقم

24- عبد المجيد سيف النصر

25- عبد الرحمن السويحلي

26- أحمد الأحجل، عضو جمعية النضال

27- حسن علي القذافي

28- محمد الزوي

29- أسعد زهيو

30- جمال عاشور

31- علي حمودة، تجمع ليبيا

32- عبد الرحمن عون، رئيس بلدية أبوسليم

33- سالم الحاسي

34- محمود جبريل

35- حسن جاب الله عضو مجلس النواب

36- حسني بي

37- ربيعة بوراص

38- هاشم بن يوسف، عميد بلدية سوق الجمعة

39- حافظ بن سامي، عميد بلدية زوارة

40- إبراهيم بن رجب

41- عثمان بن بركة، جبهة التحرير

42- صلاح البكوش

43- عاطف برقيق

44- الصديق الكبير

45- آمنة امطير

46- عمر الأسود

47- علي الدبيبة

48- مصطفى أبوفناس

49- محمود أبوجعفر

50- إبراهيم أبوخزام

51- مصطفى صنع الله

52- نوري العبار



رئيس حزب العدالة والبناء “محمد صوان”

Read Previous

باشاغا يشدد على ضرورة التصدي لتجارة المخدرات وتهريب الآثار

Read Next

تقرير | رغم التحديات، مبادرات سياسية تبث الأمل في إنهاء الانقسام