مع استمرار الخلاف بين مجلسي “النواب والدولة” .. هل سيقود “المنفي” البلاد إلى الانتخابات ؟

تصدّر الخلاف الحاصل بين مجلسي النواب والدولة المشهد الليبـي من جديد بعد عام من تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية؛ في صورة تظهر غياب التوافق من الأساس بين المجلسيْن؛ ما قد يقود البلاد إلى البحث عن آليات جديدة؛ من شأنها أن تحرّك المياه الرّاكدة وتحقّق طموح أكثر من مليونيْ مواطن ليبـي بإجراء انتخابات حرّة ونزيهة تخرج البلاد من أزمتها السياسية.


مسار بديــــــل

أصدرت دول غربية عدّة بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا، بيانات متزامنة دعت فيها مجلسي النواب والدولة إلى الإسراع بإنجاز قاعدة دستورية خاصة بالانتخابات العامّة والمؤجلة منذ عام كامل.

وحمّلت البيانات تهديداً صريحاً بالبحث عن “مسارات بديلة” إذا تواصل فشل المجلسيْن في الترتيب لانتقال سلس للسّلطة لأجسام جديدة منتخبة.

وتشكّل مواقف الدول الأربع دعما كبيرا للمبعوث الأممي إلى ليبيـا “عبد الله باتيلي” الذي دعا مجلس الأمن الدولي إلى “استخدام آليات بديلة للتخفيف من المعاناة التي تسببها الترتيبات السياسية المؤقتة التي عفا عنها الزّمن، والمفتوحة بلا سقف زمني”.

وربط باتيلي ذلك بشرط “عدم تمكّن مجلسي النواب والدولة من التوصّل إلى اتفاق سريع”.

وحمّل باتيلي في إحاطته أمام مجلس الأمن في السادس عشر من ديسمبر الجاري بالاسم رئيسيْ مجلسي النواب “عقيلة صالح “والأعلى للدولة “خالد المشري” مسؤولية جعل البلاد رهينة لخلافاتهما.

وقال “لم يَعد الخلاف المستمرّ بين شخصيْن حول عدد محدود للغاية من الأحكام في القاعدة الدستورية مبرّرا كافيا لإبقاء البلاد بكاملها رهينة”.



استجابة سريعة تحت الضّغط الأوروبي

كانت نتيجة الضّغط الأوروبي على مجلسي النواب والدولة؛ استجابة مبدئية سريعة من الطرفيْن، حيث أعلن رئيس مجلس النواب “عقيلة صالح” تعليق قراره الخاصّ باستحداث محكمة دستورية في بنغازي، وهو القرار الذي سبّب في تجميد المفاوضات بين الطرفيْن.

وأكد عضو مجلس النواب “عبد المنعم العرفي” في تصريح سابق لـــ “منصّة ليبيـا بانوراما” أن هناك لقاء مرتقبا سيجمع رئيسيْ مجلسي النواب والدولة مطلع يناير المقبل بإشراف المبعوث الأممي إلى ليبيـا “عبد الله باتيلي”.

وقال العرفي في تصريحه إن “الأيام المقبلة ستشهد تطوّراً ملحوظاً باستئناف الحوار في شأن المسار الدستوري بين مجلسي النواب والدولة، لإنهاء القضايا والمشكلات المتعلقة بإجراء الانتخابات”.

وبهذا الصّدد يقول رئيس مجلس الدولة “خالد المشري” في تصريحات صحفية إنه “تمّ قطع شوط كبير في المفاوضات مع مجلس النواب فيما يتعلق بإعداد القاعدة الدستورية”.

وتوقّع المشري أن “يتمّ إجراء الانتخابات قبل شهر أكتوبر 2023، إذا تمّ إقرار القاعدة الدستورية في أجل قريب”.

مضيفا أنه “لا توجد خلافات بينه وبين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وإنما الخلافات الموجودة هي بين كتلتيْن سياسيتيْن كبيرتيْن في ليبيـا”.

وأوضح المشري أن “المسارات الثلاثة الدستورية والسلطة التنفيذية والمناصب السيادية منفصلة عن بعضها بعضاً، وما يهمّ المواطنين الآن هو المسار الدّستوري لارتباطه بالانتخابات”.



ما هي المسارات الجديدة؛ في حال عدم التوافق بين المجلسيْن؟

مع الحديث المتكرّر عن إمكانية اللجوء إلى مسارات جديدة؛ إلا أن باتيلي لم يُعلن حتى اللحظة عن شكل وآلية هذه المسارات، تقول صحيفة “العرب اللندنية” عن مصاردها إن “باتيلي أمامه عدّة خيارات بينها تكرار نفس تجربة المبعوثة الأممية السابقة بالنيابة الأميركية ستيفاني وليامز عندما شكّلت ملتقى الحوار الوطني من 73 عضوا، بينهم 26 عضوا من مجلسي النواب والدولة.

وأضافت الصّحيفة أنه ” يمكن لباتيلي استبعاد كامل أعضاء مجلسي النواب والدولة من الهيئة المرتقبة لتحلّ محل السلطة التشريعية بغرفتيها. ” مسار “باتيلي” يأتي متماهيا مع رؤية عضو مجلس الدولة “موسى فرج” حيث كشف في تصريحات صحفية أن هناك توجها داخل مجلس الدولة برفض إعادة التواصل مع مجلس النواب؛ قائلا:” الحلّ قد يكون في تجاوز المجلسيْن، إذا كان يصبّ في المصلحة العامة وعقد الانتخابات وتغيير الشّخصيات التي تتصدر المشهد حاليًا.

“لقي ذلك معارضة من عضو مجلس النواب “صالح فحيمة” في معرض تعليقه لـــ ” منصّة ليبيـا بانوراما”: قائلا ” إن تشكيل حوار جديد هي محاولة جديدة لا يمكن التعويل عليها؛ ولا يمكن أن نحمّل فشل إجراء الانتخابات إلى مجلسي النواب والدولة؛ فمفوضيّة الانتخابات هي مَن أعلنت القوة القاهرة”.

أمّا المسار الآخر أمام “عبد الله باتيلي” هو أن يتولّى المجلس الرّئاسي حلّ مجلسي النواب والدولة بأمر رئاسي وبدعم دولي، ويتولّى السلطتيْن التشريعية والتنفيذية بشكل يتيح له وضع قاعدة دستورية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى قوانين الانتخابات والإشراف على تنفيذ وتأمين الاقتراع.

ومع تحرّكات رئيس المجلس الرئاسي “محمد المنفي” إقليميا ومحليا؛ يقول مستشار المجلس “زياد دغيم” في حديث مع “منصّة ليبيـا بانوراما”: “إن رئيس المجلس يرفض الصّفقات السياسية، ورهن مستقبل ليبيـا في شخصيات أو مؤسّسات فقدت الشرعية والمشروعية وانتهت المهلة المحدّدة لها بخارطة الطريق.

وأضاف “دغيم ” في تصريحه أن ‏”المنفي” لن يسمح بأيّ أساس دستوري أو انتخابي يُفصَّل حسب أشخاص، أو لإقصاء شخصيات بعينها؛ وسيبدأ الحوار مع الأطراف المؤثرة بشكل مباشر، لمعالجة مخاوفهم ووضع آليات وحلول ناجعة وشاملة تساهم في حلّ الأزمة الليبيـة على مستوي المسار الانتخابي”.



ما حظوظ “المنفي” لحلّ أزمة المسار الدستوري وإجراء الانتخابات؟


سيواجه رئيس المجلس الرئاسي “محمد المنفي” عدّة مطبات أمام تحقيق طموح مليونيْ مواطن ليبـي بإجراء الانتخابات العامّة؛ تتمثل في رفض مجلسي النواب والدولة بإزاحتهما من المشهد الليبـي؛ والآخر يتمثل في عدم امتلاك “المنفي” قوّة أمنية على الأرض تمكّنه من إعلان حالة الطوارئ وتجميد عمل المجلسيْن.

لكن قد ينجح “المنفي” في خطوته إذا لاقى ترحيبا شعبيا في المدن الليبيـة مصحوبة بدعم دولي قويّ يقول مراقبون.

ورأى الناشط السياسي “مصطفى المهرك” في حديثه مع “منصّة ليبيـا بانوراما” أن المنفي لن يكون لوجوده أيّ تأثير في اتمام المسار الدستوري؛ إلاّ في حال وجود دولي قويّ لاسيّما التدخّل الأمريكي الذي بات واضحًا الآونة الأخيرة من خلال تغيير خطاب “خليفة حفتر” من الدّعوة للانفصال إلى إجراء الانتخابات”.

الخلاصة تظلّ الخيارات المتاحة أمام المبعوث الأممي إلى ليبيـا “عبد الله باتيلي” غير مثالية؛ وانتظار إجراء الانتخابات إلى أجل غير معروف أكثر إزعاجا لعدد مليونيْ ليبـي ينتظرون إجراءها على أساس دستوري؛ علّها تُنهي مسيرة 8 سنوات من الانقسام السياسي.

Read Previous

وزير الداخلية يبحث مع مديري الأمن الأوضاع الأمنية بالمنطقة الغربية

Read Next

تشكيل لجنة أمنية ليبيـة إيطالية مشتركة لتنفيذ خطط مكافحة الهجرة غير القانونية.