مؤتمر المجلس الرئاسي للمصالحة… دورانٌ في حلقة الفشل.


عـــاد مشروع المصالحة الوطنية في ليبيـا إلى دائرة الضوء مجددًا؛ حيث اختتمت اليوم الخميس أعمال الملتقى التحضيري لمؤتمر المصالحة الوطنية في العاصمة طرابلس.

وألقى نائب رئيس المجلس الرئاسي “عبد الله اللافي” كلمة في آخر أيام الملتقى؛ تحدث فيها عن قرب تنظيم مؤتمر وطني جامع؛ سيمهّد الطريق نحو إجراء الانتخابات العامة.

عديد التساؤلات إذا ما كان قد تمّ التلاعب بورقة المصالحة الوطنية في ليبيـا؛ فيما يتساءل مراقبون عن أسباب بقاء مشروع المصالحة الوطنية حبيس الأطر الشفوية من دون المرور إلى الأطر العملية؛ خاصّة وأن “اللافي” قد أعلن في أول أيام الملتقى التحضيري؛ أن المخرجات ستكون بقرارات توافقية تشريعية وتنفيذية تساهم في استقرار ليبيـا.


ما من مخرجات عملية ؟



إلى الضعف الإعلامي لتغطية الملتقى التحضيري لمؤتمر المصالحة الوطنية؛ ما من مخرجات واضحة وعملية يقول مراقبون. فمـــع انتهاء أيام الملتقى التحضيري؛ لن يخرج المنظمون ببيان ختامي يوضح ما تمّ التوصّل إليه من نقاط عملية نحو مسار تحقيق المصالحة الوطنية وتمهّد الطريق لإجراء الانتخابات مطلب أكثر من 2 مليون مواطن ليبـي.

مسارٌ لن يتحقق بسهولة؛ فثمّة معضلات وتحديات حالت دون مرور مشروع المصالحة الوطنية من الإطار النظري إلى الإطار العملي؛ حيث يقول عضو المجلس الأعلى للدولة “أحمد لنقي” في تصريح لـــ “بانوراما” : “إن الحديث عن المصالحة الوطنية قبل إنهاء الخلافات السياسية بالسلطتيْن التشريعية والتنفيذية وتوحيد مؤسّسات الدولة؛ ليس له أيّ جدوى تُذكر.

وبخصوص التحدّي الأمني؛ أبرز “لنقي” أن نزع السّلاح ودمج التشكيلات المسلّحة بالمؤسّسة العسكرية والأمنية وإخراجهم من المدن هو الأساس قبل الحديث عن المصالحة بين الليبييـن. خطوات “المجلس الرئاسي” محتشمة ومتأخرة ولا تزال تتأخّر وتكاد أن تكون معدومة؛ يقول عضو المجلس الأعلى للدولة “بلقاسم دبرز” لـــ “بانوراما”؛ مضيفًا أن المصالحة مشروع سيادي وله أثر بالغ في استقرار البلاد وتقريب الحلّ السياسي على جميع المستويات.


تمثيـــل ضعيف:


لقد تأخر المجلس الرئاسي كثيرا؛ قبل أن يباشر مهمّته المكلف بها في “مسار جنيف” وهي ملف المصالحة الوطنية؛ ولعلّ هذا التأخير قد ساهم في الإعداد العاجل للملتقى التحضيري لمؤتمر المصالحة الوطنية؛ إلا أن ذلك لا يُعتبر مبرّرًا عن ضعف التمثيل المحلي؛ الذي أعاب من الملتقى بحسب مراقبين.

رئيس تجمّع تكنوقراط ليبيـا “أشرف بلها” تحدث لــ “بانوراما” عن سوء اختيار “المجلس الرئاسي” لممثلين فاعلين للأطراف الليبيـة من حيث عددها ومستوى تمثيلها لبعض الأطراف؛ حيث رفض البعض من تمّ اختياره لتمثيلهم.

وتابع “بلها” إن غضّ بصر “الرئاسي” عن دور الأحزاب السياسية الفاعلة؛ ومنظمات المجتمع المدني شكّل ضربةً أخرى لجهود المجلس؛ وساهم في فشل اللقاء التحضيري.

وفي هذا الصّدد يقول عضو المجلس الأعلى للدولة “صالح جعودة” لــ “بانوراما” إن “المجلس الرئاسي قد أقصى أيضا “مهجّري بنغازي” على الإطلاق من المشاركة برأيهم في ملتقى المصالحة؛ على رأسهم “فتحي تربل” و”انتصار العقيلي”؛ ما يجعلنا نتساءل عن أيّ مصالحة يتحدث عنها “الرئاسي” في ظلّ إقصائه لشريحة هامّة مثل المهجرّين.

وانتقدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان احتكار المجلس الرئاسي لمشروع المصالحة الوطنية بعيداً عن المؤسّسات الحقوقية والقانونية المُختصّة بشؤون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والعدالة الانتقالية، وبعيداً أيضاً عن أطياف ومكوّنات المجتمع الفاعلة.

واعتبرت أن استمرار تغييب هذه المؤسّسات الفاعلة عن المُشاركة في أعمال الاجتماعات التحضيرية لمراجعة الأطر القانونية لمشروع قانون المصالحة الوطنية، يُمثل إخفاقاً في وضع أسس وقواعد وركائز ثابتة لملف المصالحة الوطنية، وعدم إشراك أكبر قدر ممكن من الأطراف والكيانات الفاعلة، سيُهدّد كل ما تمّ التوصل إليه من جُهود وطنية ومُجتمعية في هذا الإطار.

وأكدت اللجنة أنه لا يُمكن تحقيق المصالحة الوطنية والاجتماعية الشاملة والسّلام في ليبيـا، بالإقصاء والتهميش، وإنما من خلال المُشاركة الفاعلة من جميع المكوّنات الاجتماعية والسياسية والقوى السياسية والمجتمعية ومُمثلي الضّحايا والمتضرّرين ومنظمات ومؤسّسات المجتمع المدني والأحزاب والتيارات السياسية من كلّ الخلفيات المتنوعة.



العلم والنشيد:

فشـــلٌ آخر يضاف إلى المجلس الرئاسي في تنظيمه لملتقى المصالحة الوطنية؛ بعجزه عن التصرّف مع انسحاب ممثلي نظام معمر القذافي بسبب رفضهم لنشيد ليبيـا وعلم الاستقلال.

هذا العجز صاحبه توتر بمحيط فندق كورينثيا بالعاصمة طرابلس؛ حيث مقرّ انعقاد ملتقى المصالحة؛ حيث نُشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مدى الغضب الذي سبّبه تصرّف ممثلي النظام السابق.

ويقول أبوبكر الهوني عضو حراك “العدالة الانتقالية” لــــ “بانوراما” إن الحراك عبّر خلال وقفته اليوم الخميس؛ بأن مسألة النشيد وعلم الاستقلال هو أمر لا يقبل أبدا المساس به؛ فهما يمثلان استقلال الدولة منذ القدم.

في المقابل انتقد رئيس حزب التغيير جمعة القماطي، انسحاب تيار سيف الإسلام القذافي من الملتقى التحضيري لمؤتمر المصالحة الوطنية؛ مضيفا أن علم الاستقلال والنشيد الوطني من إنجازات الآباء والإجداد، ونصّ عليهما دستور الاستقلال الذي كتبته هيئة وطنية من 60 عضوا عندما ولدت ليبيـا دولة مستقلة في عام 1951 وعودتهم للمشاركة بعد تسوية الإشكالية.

وأكد القماطي أن ثورة فبراير لم تأتِ بالعلم والنشيد وإنما أعادت الأمور إلى أصلها بعد 42 سنة من الطمس، الباطل ساعة والحق إلى قيام الساعة.

وأعلن “تيار يا بلادي” أن مجريات الأحداث السياسية والاجتماعية المتسارعة في ليبيـا أصبح يتخللها مناكفات باتت تصف بعض الثوابت الوطنية بالمسائل الخلافية حتى توشك أن تصل بالبلد إلى حافة الانهيار، وتابع أن حقّ المواطنة من أبرز مكتسبات ثورة فبراير.

وقال بيان صادر عن التيار ” إن ثورة السابع عشر من فبراير كفلت حقّ التعبير لكلّ الليبييـن بدون استثناء بعد سنوات طويلة من الاستبداد والقهر الذي وصل إلى قتل وسجن وملاحقة أيّ صوت أو فكر أو رأي غير صوت المستبد، وبالتالي فإن الرأي والصوت الآخر مسموع ويساهم في بناء دولة ليبيـا الجديدة، بل مكفول بشرعية ثورة فبراير المجيدة ما لم يمُس ثوابتنا الشرعية والوطنية.

Read Previous

المصرف الليبـي الخارجي: حققنا صافي أرباح في 2022 حوالي 8 مليارات و285 مليون دولار.

Read Next

ليبيا الثالثة إفريقيا في استيراد المنتجات التركية بقيمة 2.4 مليار دولار في العام الماضي