ترهونة … الخلط بين ملامح الضّحية والجلاد.

بين أكوام القصاص التي تتراكم يوماً بعد يوم؛ ثمّة شيء يثير الفزع، في عقل قارىء يبحث عن أوجه الخبر، ثمّة حاجة حقيقية لاكتشاف حجم كارثة تتبدّى في المقدرة على الخلط بين ملامح الضّحية والجلاّد في مدينة متخمة بأسى تتراكم تداعياته يوماً بعد آخر.

ترهونة.. مَن الضحية ومَن الجلاد ؟ كان هذا هو السؤال وما يزال؛ مَن يستطيع أن يفرز ملامح الضّحية من الجلاد؛ ولماذا هذا الغبش الكبير حول تلك الملامح إلى درجة الخلط الفاضح.

.

هل قدّم أهالي ضحايا ترهونة…. ورقة غفران لحفـــتر؟

فبين ركام الأحداث اليومية؛ التقى عدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة؛ الذراعَ الأمني في شرق ليبيـا خليفة حفتر بمقرّه داخل مدينة بنغازي؛ بحسب الصّفحة الرسمية لقيادة حفتر بالمنطقة الشرقية؛ دون ذكر أيّ تفاصيل عن أجندة اللقاء وما دار بين الطرفيْن.

لقاءٌ أثــــار فزع أهالي أوليـــاء الدّم وأهالي الضّحايا بمدينة ترهونة؛ إلى حدّ إصدار بيان خارج إطار “رابطة الضّحايا” المسؤولة عن شؤون أهالي الضّحايا في المدينة؛ تبرؤوا فيه من الشّخصيات التي اجتمعت مع ” حفتر” باعتباره أحد الداعمين لمليشيا “الكاني” الفارّة من المدينة إبّان حرب 2019 م على العاصمة؛ واعتبر البيان الزيارة بمثابة تقديم ورقة عفو وغفران لخليفة حفتر؛ وإضاعة حقّ كبير من حقوق أهالي ضحايا المدينة.


.

“البيان” التي تحصّلت “ليبيـا بانوراما” على نسخة منه؛ طالب النائب العام ببذل مزيد من الجهد للقبض على مرتكبي الجرائم بالمدينة؛ مؤكدين على أن المصالحة الوطنية لن تتمّ إلا بتحقيق العدالة الانتقالية وجبر ضرر الأهالي.




كيـــف جرى اللقاء؛ ولمــــاذا ؟

قامت منصّة “ليبيـا بانوراما” بإجراء عدّة اتصالات مع مسؤولين محليين بمدينة “ترهونة” للاطلاع على تفاصيل اللقاء الذي جرى بين عدد من أعضاء “رابطة ضحايا ترهونة”؛ و”خليفة حفتر” خاصّة بعد موجة الانتقادات الكبيرة التي تعرّض لها أعضاء الرابطة من وراء هذه الزيارة؛ سواء على مستوى أهالي الضّحايا أو المتابعين للشأن المحلي.

عميد بلدية ترهونة “محمد الكشر” الذي تواصلت معه “منصّتنا” نفى نفيًا قاطعا علمه بتفاصيل هذه الزيارة وأهدافها؛ أو حتى كيف جرت هذه اللقاءات وما تمخّض عنها، لكنّ مصادر “ليبيـا بانوراما” أكدّت أن الزيارة تمّت بطلب من أعضاء رابطة الضحايا وبالتنسيق مع شخصيات مقرّبة من “خليفة حفتر”.

.

وبعد البحث عن أسباب الزيارة وأهدافها؛ كشف عضو رابطة ضحايا أهالي ترهونة “مصعب أبو كليش” أنّ الهدف الرئيسي لهــذه الزيارة؛ هو مطالبة ” حفتر” باعتباره الذّراع الأمني بالمنطقة الشرقية؛ مساعدة أهالي الضحايا في القبض على عصابات “الكاني” وقياداتهم التي فرّت من المدينة بعد تحريرها في مايو 2020م؛ خاصّة بعد ورود معلومات على أن بعض أفراد “الكانيات” أصبحت عناصر فاعلة داخل ثكنات حفتر في الشرق الليبـي.

وبحسب “أبو كليش” فإن “خليفة حفتر” استجاب لمطالبهم؛ وقدّم لهم وعودًا باتخاذ إجراءاته لتسليم مَن تورّطوا في مجازر ترهونة ( أبشع الجرائم التي ارتكبت في ليبيـا ) إلى العدالة.




ازدواجية المواقف وانقسام الرّأي.

استجابة ووعود ” حفتر” إلى أعضاء “رابطة ضحايا ترهونة” الذين التقوا به في بنغازي يقول رئيس مكتب شهداء 17 فبراير؛ وعضو رابطة ضحايا ترهونة “عبد الباري سليمان” لمنصّة “ليبيـا بانوراما”؛ هي الازدواجية في المواقف بعينها تجاه قضية “ترهونة” خاصّة وأن “خليفة حفتر” إلى جانب دعمه لعصابات “الكاني” خلال عدوانه على العاصمة “طرابلس” عام 2019م؛ وحاضنتهم بنغازي في المنطقة الشرقية بعد فرارهم من المدينة في مايو 2020م (موعد تحريرها من قوات حفتر ومَن تعاون معه من قيادات “الكاني” ورجالهم).؛ فقد ترك بصمته بتدمير المنطقة الغربية؛ وقبلها المنطقتيْن الشّرقية والجنوبية.


.

ومن خلال ومتابعة بعض تصريحات المسؤولين المحليّين لوسائل الإعلام؛ يتبيّن حجم الانقسام في الرّأي بالمدينة؛ حيث تنقسم الآراء هناك إلى فئتيْن؛ فئة ترى في حفتر من أكبر داعمي “الكانيات” خلال الحرب على العاصمة عام 2019م والتي ارتكبت خلالها أكبر جرائم القتل والتعذيب والتصفيات الجسدية وكانت المقابر الجماعية شاهدة على هذه الجرائم؛ وفئة ترى بأن “خليفة حفتر” لا علاقة له بقضية “المقابر الجماعية” حيث بدأت عمليات القتل والخطف منذ عام 2013م.




.

ثمّة قدرة مذهلة على الخلط؛ إلى درجة التضليل المقصود وغير المقصود؛ بين صورة “حفتر” المنقذ، وصورة “خليفة حفتر” الجلاد،؛ لدرجة أن تسود صفحات ليس لها من مهمّة سوى إدانة وجه الجلاّد الجديد؛ على أمل أن يكون في هذا تخفيف لحدّة وقسوة وسطوة شخصيّة المستبد الأسير.

Read Previous

شبكة تواصل الأحزاب تبحث مع اللجنة السياسية بمجلس الدولة سبل إنجاز الانتخابات.

Read Next

فرنسا تعزز شراكتها مع المفوضية العليا للانتخابات وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمنع التضليل الانتخابي.